في الصحيحين عن أبي هريرة * عن النبي صلى الله عليه وسلم * قال: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله تعالى: *إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي* للصائم فرحتان: «فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».
* بم يتم التقرب إلى الله؟ *
واعلم أنه لا يتم التقرب إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرم الله في كل حال من الكذب والظلم والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ولهذا قال *: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» رواه البخاري.
وسر هذا: أن التقرب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرب إليه بترك المحرمات. فمن ارتكب المحرمات ثم تقرب إلى الله بترك المباحات كان مثل من يترك الفرائض ويتقرب بالنوافل.
وإن نوى بأكله وشربه تقوية بدنه على القيام والصيام كان مثابًا على ذلك، كما أنه إذا نوى بنومه في الليل والنهار التقوي على العمل كان نومه عبادة، وفي حديث مرفوع: «نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعمله مضاعف ودعاؤه مستجاب وذنبه مغفور»*1* فالصائم في ليله ونهاره في عبادة ويستجاب دعاؤه في صيامه وعند فطره فهو في نهاره صائم صابر وفي ليله طاعم شاكر.
شروط الثواب على الصيام:
ومن شرط ذلك أن يكون فطره على حلال فإن كان فطره على حرام كان ممن صام على ما أحلَّ الله وأفطر على ما حرم الله ولم يستجب له دعاء.
الصائم المجاهد:
واعلم أن المؤمن يجتمع له في شهر رمضان جهادان:
1 - جهاد لنفسه بالنهار على الصيام.
2 - وجهاد بالليل على القيام.
فمن جمع بين هذين الجهادين ووفى بعقوقها وصبر عليهما وفّي أجره بغير حساب*2*.
__________
*1* رواه البيهقي عن عبد الله بن أبي أو فى ورمز السيوطي لضعفه.
*2* انظر لطائف المعارف لابن رجب ص 163 و165 و183.