العلاقة الزوجية بين الأزواج لا تنمو نموا صحيحا بمجرد تقديم هدية أو باقة ورد وقت المناسبات -على أهمية هذا الفعل- إنما تنمو من خلال تعامل كل منهما بلطف بالغ مع الطرف الآخر··· فما أجمل النظام وما أروعه عند الرجل والمرأة، وما أقبح أن تسود الفوضى وعدم الاحترام بين الزوجين·
فالرجل في كثير من الأحيان لا يلقى بالاً لطريقة تعامله مع طرف عزيز عليه ‘الزوجة’، وقد يجرح مشاعرها دون قصد غالبا أو بقصد أحيانا، معتقداً أن أصول الاتيكيت تطبق فقط حين نتعامل مع الغرباء، أما الزوجة والأقرباء فنصيبهم الجفاء والغلظة بل وقلة الذوق في بعض الأحيان·
وقد يقول قائل: هل ينبغي أن أتبع الاتيكيت حتى مع زوجتي وفي بيتي وهو المكان الذي أتصرف فيه على طبيعتي بلا قيود أو شروط؟
وهل العلاقة الزوجية تحتاج هي الأخرى إلى اتيكيت؟
محمد المرزوقي خبير الاتيكيت والبروتوكول ورئيس قسم العلاقات العامة بنادي تراث الإمارات، يجيب على مثل هذه الأسئلة وغيرها في هذا الحوار:
رغم ما يشهده الواقع من مشكلات ناجمة عن الجفاف العاطفي وإهمال المشاعر وطريقة سلوك الرجل أو المرأة المخالف للمقاصد الأساسية من الزواج بوصفه سكناً وطمأنينة، ورغم أن هذه المشاكل قد تصل إلى الطلاق وتدمير الأسرة إلا أن هناك الكثير من الرجال الذين يرون في التعبير عن حبهم للمرأة منقصة ومذمة، وضعة ومذلة، ولذلك فإن هذا النوع من الرجال لا يتودد الواحد منهم إلى زوجته ولا يعرف للغزل سبيلا، ولا للمداعبة طريقا، ولو نظر إلى حياة الرسول عليه السلام ورأى حبه الشديد للسيدة عائشة، وكيف كان يداعبها ويلاطفها لعلم كيف يكون الحب بين الأزواج·
ولا شك أن الحياة بين الزوجين تحتاج إلى نوع من المشاعر الدافئة، وإلا تحولت إلى حياة روتينية تخلو من الحب والمشاعر الدافئة التي تعين الزوجين على تخطي صعوبات الحياة، ولأن الزوجة رفيقة الدرب وشريكة الحياة، والمؤنسة في الوحدة، وخلقت ليسكن الرجل إليها، ولأنها مخلوق وديع ولطيف، وتعشق الكلمة الحلوة، وتبحث عن ما يشبع إحساسها بأنوثتها تحتاج إلى اهتمام زوجها وحبه، والتعبير عن هذا الحب الذي يعتبر من أهم شروط بناء الحياة العاطفية الناجحة والتفاهم بين الزوجين، وحتى يتم ذلك لابد أن يعلم كلا الزوجين أن البيوت تبنى على المودة والرحمة وليس الحقد والكره·
انسجام وألفة وتفاهم
خبير الاتيكيت والبروتوكول الدولي محمد المرزوقي هو أول إماراتي يدرب فن الاتيكيت والمراسم والبروتوكول، وحاصل على أكثر من 30 خبرة علمية، وأكثر من 40 دورة ، الى جانب قيامه بتقديم العديد من الدورات المتعلقة بالاتيكيت والبروتوكول في جميع المجالات للكثير من الجهات والدوائر والوزارات، يقول عن طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة: تحتاج العلاقة الزوجية إلى الاتيكيت، بل إن الاتيكيت ركيزة أساسية في هذه العلاقة، وهو يهدف وببساطة شديدة إلى تحسين عملية التفاهم بين البشر، وخلق نوع من الانسجام أو الألفة والمودة بين بعضهم البعض، وهذه أسس الزواج الناجح، الذي يقوم بالفعل على المودة والرحمة· وإذا كان الاتيكيت وجد لتحسين التعامل مع أصدقاء أو زملاء، فكيف باثنين يتعامل كل منهما مع الآخر طوال العمر، أليس من الأولى أن يتسم التعامل بينهما بنوع خاص وراق من الاتيكيت؟
ويضيف: ‘لا ننسى أن رسولنا الكريم أوصى بالنساء خيراً، ولا شك أن من بين ما قصده بالخير، هو التعامل مع النساء بالخير، وهل هناك خير من التعامل معهن بلطف ودعة ورقة، وما الاتيكيت إلا فن التعامل برفق مع الجميع، ومن باب أولى مع النساء·
حسن المعاشرة
وفيما يتعلق بمعاملة المرأة لزوجها والرجل لزوجته يرى المرزوقي: إننا نجد في تعاليم ديننا الحنيف مجالا أوسع من كل ما يمكن أن ينضوي تحت فن الاتيكيت، ولنبدأ بالرجل لأن عليه مسؤولية كبيرة في حسن معاملته لزوجته، فهو مأمور أولا وقبل كل شيء برعايتها، لأنه راع والرجل مسؤول عن أهل بيته، ثم انه مأمور بحسن معاشرتها ‘وعاشروهن بالمعروف’، ونلاحظ أن المعروف هو ما تعارف الناس عليه، ونستطيع القول بأن الاتيكيت أيضا هو ما تعارف عليه الناس من قواعد للتعامل، فمن ضمن الاتيكيت والمعروف هو الإحسان إلى الزوجة، والإنفاق عليها، وتلبية مطالبها الشرعية، ومراعاة طبيعتها وطبيعة ما تمر به من نمو وتفاعلات نفسية، ومعرفة ما يسرها والعمل على توفيره، وما تكرهه والابتعاد عنه، أشياء كثيرة، بعضها صغير جدا، لكن تأثيرة كبير على الزوجة، مثل الاهتمام بالمناسبات الخاصة بها، والاحتفاء بأهلها، وتمكينها من صلة أرحامها، والحرص على التعبير عن مشاعره الطيبة نحوها، وشكرها على ما تقوم به وتقدمه له· أما كيفية معاملة الزوجة لزوجها، فإننا سنجد تشابها في كثير من الواجبات من حيث الاحترام والتودد للزوج ومعرفة ما يحبه وما يكرهه، والتعبير عن المشاعر الطيبة، وهنا قد تتحرج الزوجات من فعل هذا، لكنه يدخل في باب ‘حسن التعبير للزوج’·
نعم للإجازة الزوجية
هل الأزواج بحاجة إلى إجازة زوجية كما يقال؟
الحقيقة أنا مع الرأي القائل إن الزوجين بحاجة إلى إجازة، والسبب هو اختلاف قدرة كل منهما على العطاء، فالمرأة والحق يقال دائمة العطاء، فيما الرجل قد يعتريه بعض ما يجعل عطاءه يتغير بالنقص أو الزيادة، وهنا لابد من إجازة يستعيد فيها الرجل توازنه، وأحيانا قد يكون أحد الطرفين في حالة من التشبع العاطفي، والطرف الآخر على عكس ذلك، ومن هنا قد تكون الإجازة فرصة للشحن العاطفي -إن جاز التعبير- وأحيانا تكون الإجازة الزوجية لمجرد كسر روتين الحياة اليومية، أو إبعاد الملل عن الحياة الزوجية، وأحيانا يضطر الزوجان إليها في حالة ارتباط الزوج بعمل يتطلب منه تفرغا أو سفرا·
ويضيف المرزوقي: الإجازة ليست نوعا من الاتيكيت الزوجي، ولكن الاتيكيت هنا يتمثل في مراعاة كل طرف لمشاعر ورغبات الطرف الآخر، عندما يقرر الطرفان أخذ إجازة، وأن يواظب كل منهما على الاتصال بالآخر والاطمئنان عليه، والتعبير عن شوقه إليه وافتقاده له·
احترام الرأي الآخر
هل من الممكن أن نعتبر احترام الرأي الآخر نوعا من الاتيكيت في حالة نشوب خلاف زوجي؟
احترام الرأي الآخر قاعدة من قواعد الاتيكيت، بمعنى على الطرف الآخر معرفة دوافعه للخلاف، وتقدير هذه الدوافع، وعدم تجاهلها أو عدم احترامها، أو الاستخفاف بها، لان أسلوب التعاطي مع المشكلة هو الذي يحدد حجم الخلاف، وبالتالي فمن وجهه نظري لو لاحظنا أن أية مشكلة تنشب سواء بين الزوجين أو غيرهما تتحول بعد دقائق معدودة إلى خلاف آخر حول أسلوب تعامل كل طرف مع الآخر عند عرض أو بحث المشكلة، وسرعان ما ينسيان المشكلة الحقيقية التي يمكن أن تكون بسيطة، أو يكون بالامكان حلها لو أحسن شرحها من طرف، وعموما من الاتيكيت في حالة نشوب خلاف ما، عدم التمادي في إثارة غضب الطرف الآخر، والمبادرة باعتذار الطرف المخطئ بشكل ما مباشر أو غير مباشر إلى الطرف الآخر، وعدم التحسس من ذلك، فالاعتراف بالخطأ فضيلة·
المرأة حرث الرجل
وماذا عن طريقة التعامل في المناسبات الحميمة؟
لا أستطيع أن أجد في الاتيكيت بالنسبة لتصرف الزوجين في المناسبات الحميمة أفضل من قول الحق ‘نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم’، والمقصود هنا من ‘وقدموا لأنفسكم’ كثير، فما أجملها وأكملها وأشملها من عبارة، وهي تُغني عن أي كلام في هذا المقام، فهي أمر صريح بالمداعبة والملاعبة، كما أنها تضع قاعدة ذهبية في مجال العلاقات الزوجية، هي أن الإنسان يجب عليه مراعاة أمور كثيرة من بينها التلطف والمداعبة وصولا بالزوجين إلى حالة من الرضا والسعادة· فالمرأة حرث الرجل، يجب أن يفعل كل شيء من أجل تنشيطها، ومن أجل بعث الحياة فيها وتحقيق المتعة لها حتى تتخلص من كل ما علق في نفسها من هموم وأحزان، إنها المتعة التي يمنحها الحارث لمن يحرثه ومعنى ذلك ببساطة أن العلاقة الجنسية ليست ذلك اللقاء البارد بين جسدين، إنها التفاعل الذي يتم بين الأرض وحارثها، فالحارث لا يترك أي مساحة من الأرض من غير أن يمر عليها ويقلبها ويتعهدها بالعناية والرعاية لكي تثمر في المستقبل، ومثله الزوج الذي لابد أن يمر بكل قطعة من جسد زوجته يلاعبها ويلمسها ويقبلها ويتحسسها وهو بصدد اللقاء بها، هذا هو معنى الحرث وإذا لم يأخذ الجسد حقه لا يكون حرثا، والهمسة في الأذن، والنظرة للعين، واللمسة للجسد هي لغة حوار متبادل بين الطرفين، والزوجة عليها أن ترد التحية بأفضل منها·
وثيقة إتيكيت
ويجد خبير الاتيكيت والبروتوكول الدولي محمد المرزوقي أن العلاقة الزوجية لا تحتاج إلى وثيقة اتيكيت حيث يقول: الوثائق لا تصنع الاتيكيت، وإذا كان من وثائق تصلح لهذا فهي سنة الرسول، وأقواله الطيبة وأخلاقه الكريمة في تعاملة مع زوجاته، ولا عجب في ذلك، ألم يضع الرسول عليه السلام ركبته الشريفة لتطأها السيدة عائشة رضي الله عنا لتركب الناقة؟ ألا يشبه هذا ما درجنا عليه في مبادرة الرجل فتح باب السيارة لزوجته حتى تصعد إليها؟ ثم ألم يكن عليه السلام في صنعة أهل بيته حينما يكون في البيت، حتى إذا حان وقت الصلاة خرج إليها·
منقوووووووول ..
تسلميييييييييييييييييين والله ياذوق
أدوات الموضوع | |