حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا بشر بن السري قال حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال قالت :أسماء بنت أبي بكر ،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أنا على حوضي أنتظر من يرد علي فيؤخذ بناس من دوني فأقول أمتي فيقول لا تدري مشوا على القهقرى) .أخرجه البخاري
قال ابن أبي مليكة: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو أن نفتن .
معاني ألفاظ الحديث:
انتظر من يرد علي: أي :يحضرني ليشرب.
دوني:أي:من عندي أو بالقرب مني.
مشوا على القهقرى:أي:الرجوع إلى الخلف ،أي:ارتدوا عما كانوا عليه.
شرح الحديث:
قوله : أنا على حوضي : الحوض المورود الذي ينبع من أو يجتمع من نهر الكوثر ،هذا للنبي عليه الصلاة والسلام ،وجاء وصفه في السنة في طوله وعرضه ولونه وآنيته وأنه يشرب منه المتبع من هذه الأمة ،ولذا يزال عنه من تقهقر فارتد أو ابتدع أو غيّر أو بدّل ،وأحاديث الحوض متواترة . ثبت الحوض ثبوتا قطعيا بالأدلة المتواترة تواترا معنويا .
قوله : فيؤخذ بناس من دوني : يعرفهم النبي عليه الصلاة والسلام إما بأعيانهم لمعاصرتهم له ،أو بأوصافهم بإتباعه عليه الصلاة والسلام وإن حصل منهم ما يوجب ردهم من إحداث وابتداع مشوا على القهقرى :أي: رجعوا إلى الخلف . كانوا لما كنت بين أظهرهم يتقدمون إلى الأمام بفعل ما يرضي الله عز وجل وترك ما يسخطه، ثم بعدك رجعوا القهقرى فارتدوا عن دينهم وهؤلاء ممن يعرفهم النبي عليه الصلاة والسلام بأعيانهم لأنهم وجدوا في عصره .
قوله : قال ابن أبي مليكة: اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو أن نفتن .
نرجع على أعقابنا أو نفتن : أي نعوذ بك نرجع القهقرى عما كنا نفعله من أعمال صالحة .
على الإنسان أن يخاف , والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن فلا يأمن من مثل هذه الفتنة أن يرجع القهقرى ( وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها .) ولذا اشتد خوف السلف الصالح من سوء العاقبة , سوء الخاتمة أمر مقلق مخيف . وجاء في الحديث أنه يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهذا أيضا أمر مخيف . قد يعمل الإنسان الأعمال وهي في ظاهرها صالحة لكنها فيما يبدو للناس ،وفي قلبه دخل يكون سببا في صرفه عن الجادة " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " كثير من السلف يعمل الأعمال الصالحة ويخشى أن يدخل من هذا الباب فالخوف مطلوب كما أن الرجاء مطلوب وحسن الظن بالله عز وجل مطلوب فعلى الإنسان أن يكون بين الأمرين خائفا راجيا .
" والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة " أي يأتون ما أتوا من الأعمال الصالحة، ولذا لما سألت عائشة- رضي الله عنها -هم الذين يزنون؟ هم الذين يسرقون؟ قال :(لا يا ابنة الصديق هؤلاء الذين يصلون ويصومون ويزكون ويعملون الأعمال الصالحة وقلوبهم وجلة خائفة أن ترد عليهم ). فالإنسان لا يضمن . نعم جاء ما يدل على أن الفواتح عنوان الخواتم لكن من يضمن أن هذه الفواتح الصالحة خالصة لوجه الله عز وجل . النفس الأمارة والشيطان والنية شرور تحتاج إلى من يتابعها في كل وقت . قد يزل الإنسان بكلمة من سخط الله عز وجل يلقى بها في النار سبعين خريفا لا يلقي لها بالا تكون من سخط الله . والله المستعان .