القت بنفسها في اول مقعد صادفها قبل
اصوات الطالبات تتعالى وحبات العرق تزحف
ببطء من تحت خمارها, وأسندت رأسها
إلي النافذه, وأغمضت عينيها لتسترجع أحداث
يومها, تنهدت : ما أروعك يا أستاذه ناهد.
ما أمتع حديثك,وطريقتك الرائعه في شرح
المعلومات, متى تنطوي هذه السنه ويتحقق
الحلم وأصبح معيده مثلك...
أقف بين الطالبات وألقي بطريقتك السلسه الرائعه..
غدا الأربعاء موعد امتحان النحو ولا بد من الإستعداد
الجيد,فالإعاده لا بد لها من التميز, والتميز لا بد له
من مذاكره إذن لدينا سهره الليله.
أفاقت من شرودها على توقف الحافله أمام بيتها
ومطالبة زميلاتها لها النزول بسرعه, حملت
حقيبتها وهبطت درجات الحافله بخفه ونشاط.
_ أوه لا وقت لانتظار المصعد العجوز,
لفت عبايتها حول جسمها بخفه ومضت تقفز
درجات السلم كفراشة حالمه.
أخيرا ها هو بابنا, القت بحملها على الجرس
ليأتيها صوت أمها الغاضب يطلب منها الإنتظار,
ومع فتح الباب تتسرب الى أنفها الجائع رائحة
الطعام ورطوبة البيت ووجه امها الذي تحبه
تفتح دولابها لا لتأخذ ملابسها بل لتلقي على
الحبيب الغالي تحية المساء فلا زال هناك
يحتل خلفية الخزانه وهي إلي جانبه ذكرى
سألت نفسها: لماذا لم يكن يبتسم؟
هو حزين دائما شارد الفكر دائما لتيه
منحني مساحة في حياته لأساعده ولكنه أختصر
المشوار, لايهم,تلقي عليه تحية المساء كعادتها
في كل يوم وتهمس: احبك لازلت احبك
ثلاث سنوات مضت منذ تركه غير المسبب لها,
لم تنسه فيها في الصباح تلقي عليه تحية الصباح
وفي المساء تسرع اليه بعد دخولها من الجامعه
وكأنه حي هناك ينتظرها في خلفية الخزانه
خلف ملابسها,وقبل أن تنام تحتضن صورته
تفرغ فيها الشوق المحبوس في صدرها
وتعاتبه في ألم: لماذا؟ذهبت بدون ذكر السبب؟
وتنام,هل تحلم بأن يعود لها في يوم من الأيام,
لا, ولكنها تحبه وهكذا وهو بعيد يكفي ان
تسمع أنه بخير ولا زال يبحث عن ذاته ويدرس
-يفكر في؟ لا يهم, المهم انه بخير.
أمها تعرف مكانه في خلفية الخزانه ولكنها تتظاهر
بعدم المعرفه في حزن مميت,
والدها مسكين أنت ياوالدي لعل إرتباطي به
كان السعاده الوحيده التي دخلت حياتك
منذ سنوات طويله,ولكن لأسف لم تدم طويلا.
أفاقت من عالمها الخاص على صوت أمها
تغلق خزانتها على حبها.. حزنها...حلمها
الضائع لتستعد لغد وإمتحان النحو